المحلل السياسي الشرفي يتحدث عن مدى انعكاسات فوز “ترامب” على الشرق الأوسط والصين ومدى قدرته على تحويل خطاباته إلى واقع ملموس
يمنات – صنعاء – خاص
اعتبر المحلل السياسي، عبد الوهاب الشرفي، إن ما تحدث عنه الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، لن يترجم واقعا كما تدل عليه خطاباته الانتخابية.
و ارجع الشرفي أسباب ذلك إلى أن الرئيس الامريكي ليس صاحب القرار المطلق في كل شيء.
و أشار إلى أن تحقيق ما تحدث عنه “ترامب” يتطلب تغييرا جذريا في المؤسسات الامريكية و تغييرا في تركيبة المؤثرات على القرار الامريكي من لوبيات داخل الولايات المتحدة الامريكية و ليس تغير الرئيس فقط.
و كان ترامب قد تحدث عن حرب جادة على الارهاب تصل لحد التنسيق مع روسيا في سبيل انجاحها، و تقليص حضور امريكا في ملفات الشرق الاوسط.
و نوه إلى أن توجه ترامب ليس بالأمر الهين، و إلا لما كانت هذه الضجة التي تسببت بها خطاباته، فضلا عن الترقب امريكيا و دوليا لنتيجة الانتخابات، معتبرا أنه يمكن ادراك ذلك من خلال الاتفاق النووي الايراني.
الشرق الأوسط
و قال الشرفي: بين الحاجة للتغيير الجذري في الولايات الامريكية و بين توجه الرئيس الامريكي لن يكون احتمال الانعكاس الايجابي المحدود لانتخاب ترامب على الشرق الاوسط هو الاحتمال الوحيد.
و أضاف: الاحتمال الأسوء حاضرا ايضا لاعتبار المعادلة السالفة التي قد تدفع بـ”ترامب” للتحول ليس لمحاربة الارهاب الجادة و التقليص من الحضور في الشرق الاوسط كما عبر عنهما، و انما لانتهاج سياسة عزل الشرق الاوسط على مشاكله التي ستكون الادارة الامريكية في صلبها.
و أوضح أن ذلك يعني أن “ترامب” سيتبع السياسات التي تمنع ردود الافعال السلبية الناتجة عن السياسة الامريكية في الشرق الاوسط من الوصول و التأثير على الواقع الامريكي و الغربي.
و قال: سياسة العزل هذه ستشبه تماما مواجهة اوروبا لموجة هجرة السوريين إليها و التي تعاطت معها في البداية بترحاب او على الاقل بتقبل لكن الضربات الارهابية في باريس و بروكسل وضعت الادارات الاوربية في ذات الموضع الذي اتوقعه لـ”ترامب” بين الاختيار لحرب جادة على الارهاب كانت تتطلب تغيرا جذريا في اوروبا و لصعوبة ذلك تحولت اوروبا الى سياسات عزل المشكلة و ردود افعالها او مضاعفاتها على الشرق الاوسط و ظهر ذلك في اتفاق الاتحاد الاوربي مع تركيا على استضافة عدد كبير من المهاجرين السوريين على الاراضي التركية مقابل منافع اقتصادية.
بين كلينتون وترامب
و اعتبر أنه في حال صدق هذا الاحتمال مع “ترامب” فسيمثل ذلك زيادة في تدهور الاوضاع في الشرق الاوسط امنيا و اقتصاديا و سياسيا. غير أنه أشار إلى أن “ترامب” يظل الأقل للشرق الاوسط، مقارنة بفوز “هيلاري كلينتون” الذي يعني استمرار السياسة الامريكية الحالية و اندفاعها اكثر في ذات الاتجاه، و هو ما سيزيد من حدة الملفات الشرق اوسطية الحالية.
و قال: ترامب يبدي قابلية لأمرين مهمين لهما اثر مباشر على الواقع الشرق اوسطي، اذا ما اوفى بهما بعد فوزه فسينعكس ذلك ايجابا في الشرق الاوسط.
و حسب الشرفي فالأمر الأول: هو التقليص من الحضور الامريكي في الشرق الاوسط، و بالتالي تقليص الانتهازية الغربية و تخفف الادارات المستخدمة من تحمل الاجندات الامريكية على حساب اجنداتها الاقليمية.
و الأمر الثاني هو المواجهة الاكثر جدية في مواجهة الارهاب من خلال زيادة التنسيق و التعاون في هذا الاتجاه مع روسيا التي تتعاطى مع ملف الارهاب بجدية كاملة لاعتبار امنها القومي مباشرة.
و تابع: في كل الحالات يظل هامش النقلات في السياسة الخارجية الامريكية محدودة و يحتاج التزحزح فترة زمنية ليست قصيرة، لكن يظل احد عوامل هذا التزحزح قد قام و هو فوز ترامب.
و تسأل: هل سيسمح اللوبي لـ”ترامب” ان يحقق شعاراته فيما يتعلق بالسياسة الخارجية او شيء منها..؟!
منطلقات تفضيلات الناخب الامريكي
و قال الشرفي إن التعمق اكثر في اسباب فوز “ترامب” يقودنا لمعرفة منطلقات تفضيلات الناخب الامريكي.
و أوضح أن “ترامب” لم يكن مقنعا في حملته في الكثير من القضايا منها المرأة و الجنس و الاقتصاد و المهجرين و الملونين و حتى السياسة الخارجية و كانت هذه القضايا من العوامل التي يحدد الناخب الامريكي في ضوئها تفضيله.
و استدرك: لكن كل ذلك لم يكن فاعلا بما يكفي لتحديد تفضيل الناخب الامريكي، فصوت لـ”ترامب” رغم كل تلك التخوفات الناتجة عن مواقفه و آرائه و فضائحه.
و لفت إلى أن هاجس الارهاب و الذي له صلة بكثير من الملفات ذات الأثر على الهوية و الوطنية و التركيبة السكانية بانعكاساتها على التوجهات السياسية و توجهات الرأي العام، كان لها الاثر الحاسم في تحديد تفضيلات الناخب الامريكي.
و قال: انه شيء من صراع الحضارات جعل العامل الثقافي و احدا من اهم عوامل التفضيل للناخب الأمريكي و بقدر اكبر حتى من الاقتصاد الذي طالما كان هو العامل الحاسم في محطات انتخابات رئاسية سابقة.
و أضاف: العامل الثقافي بات هو الصاعد الجديد ليس في امريكا وحدها و انما في اكثر من مكان في العالم و ما تصويت الناخب لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي الا احد صور فاعليته.
الصين والولايات المتحدة في عهد ترامب
و بخصوص علاقات الولايات المتحدة مع الصين .. قال الشرفي: الصين كانت في مرمى ترامب و كان قد تعهد بإجبارها على تغيير كثير من سياساتها الاقتصادية التي انعكست سلبا على اقتصاديات امريكا و الغرب عموما.
و أشار إلى أن هذا الامر اذا ما مضى فيه “ترامب” فسيفرض على الصين الخروج من حالتها الراهنة التي لا تبدي تفضيلا للمراس السياسي فيما يتعلق بالسياسة الدولية و سيضطرها للحضور بشكل مباشر في السياسات الدولية لحماية اقتصادها و مصالحها، ما سيجعلها تخرج عن السياسة الناعمة بهدف نيل مصالحها و تعزيز اقتصادها.
و اعتبر أنه في حال حصل هذا الامر سيزيد من حدة التجاذب حول النظام العالمي و سيذكي مختلف الملفات المتقدة والمشتعلة عالميا و قد يحرك كثير من الملفات الخاملة حاليا.
الموقف السعودي من ترامب
و كانت روسيا قد سارعت روسيا لإبداء الاستعداد للتعاون مع ترامب، فيما طالبت فرنسا بتوضيحات بشأن السياسة الامريكية تجاه سوريا و ايران، بالمقابل طالبت إيران الولايات المتحدة احترام الاتفاقات، في حين ابدت ألمانيا عدم رضاها عن فوز ترامب، غير أن السعودية بادرت بتهنئة “ترامب” بالفوز.
و اعتبر الشرفي أن مبادرة السعودية بالتهنئة لـ”ترامب” يعكس انها لا تمتلك ارادة سياسية ليكون لديها محضورات و مطلوبات و امام حدث كوصول ترامب الى الرئاسة الامريكية بعد كلما اظهره من عدائية للسعودية بالذات، لم تتمكن السعودية من المطالبة بوفاء “ترامب” بتعهدات بلاده تجاه الملفات ذات العلاقة في المنطقة.